حافظ على صحة ومرونة مفاصلك


إلتهاب المفاصل العظمي، مرض يعوق حركة الكثيرين ويؤلمهم. وهو لا يختار ضحاياه من صفوف الرياضيين الذين تعرضوا للإصابات فحسب، بل يترصَّد الجميع، خاصة مع التقدم في السن.
ينتج إلتهاب المفاصل العظمي عن التلف والبلَى، اللذين يلحقان بالنسيج الغضروفي الذي يحيط بعظام المفاصل ويحميها. ومع ترقُّق هذا النشيج وتحلّله، بفعل الزمن، أو بفعل إصابة، تُصبح أطراف العظام مكشوفة، ويؤدي إحتكاكها ببعضها بعضاً إلى الألم، وإلى صعوبة في الحركة. وتستجيب عظام المفاصل لهذه الإحتكاكات التي تُلحق بها أضراراً كبيرة، بتشكيل نتوءَات وعُقد. ويحدث أيضاً أن تتشكل جيوب من السوائل حول المفاصل، ما يسبّب المزيد من الألم. ويمكن لإلتهاب المفاصل العظمي أن يصيب أي مفصل من مفاصل الجسم، غير أنّه غالباً ما يصيب اليدين، الوركين، الظهر والركبتين. أمّا عوارضه فأبرزها الألم المتواصل أو المتقطع في المفصل المصاب، تيبُّس في المفصل، خاصة في الصباح عند الإستيقاظ، إنتفاخ أو ورم في المفصل الذي قد يُصدر صوت طقطقة عند تحريكه، وقد يتشوه مظهره الخارجي. ويقول الخبراء، إنّ هناك علاقة وطيدة بين الإصابة بإلتهاب المفاصل العظمي، والتعرض لإصابات أو صدمات بفعل ممارسة بعض أنواع الرياضات لفترة طويلة، أو بفعل التعرُّض لحادث. فقد أظهرت الإحصاءات التي أجريت في جامعة "جونز هوبكنز" وشملت 1000 متخرّج، إنّ إمكانية الإصابة بإلتهاب المفاصل العظمي في فترة لاحقة من الحياة، ترتفع إلى الضعف لدى الأشخاص الذين تعرّضوا لإصابات في المفاصل في سنوات شبابهم. ومن جهة ثانية، وإذا نجحت الدراسات والتجارب العلمية التي يقوم بها حالياً البحاثة في جامعة "دوك الأميركية"، فسيصبح في الإمكان بعد سنوات قليلة، إستخدام دهون الجسم لترميم غضاريف المفاصل المصابة. فقد تمكن هؤلاء من "تدريب" الخلايا الدهنية في أنابيب المختبر على التحول إلى غضاريف، أي الأنسجة الضامّة التي تحيط بعظام المفاصل. وهم يأملون في التمكن قريباً من حقن هذه الخلايا في المفاصل، التي تعرضت لصدمات أو المصابة بمرض إلتهاب المفاصل، وذلك لمساعدة الجسم على شفاء نفسه بشكل طبيعي. وفي إنتظار أن يحقق الأطباء هذا الإنجاز الطبي، يمكن للمصاب بإلتهاب المفاصل، أن يلجأ إلى بعض الوسائل الطبيعية، التي تساعد على ترميم الغضاريف والتخفيف من عوارض إلتهاب المفاصل، كما يمكن لغير المصابين أن يسهروا على صحة مفاصلهم، بإتِّباع الوسائل الوقائية الطبيعية.
1- الخطوات الوقائية:
- إعتماد نظام غذائي غني بالخضار: إضافة إلى الفوائد الصحية العامة التي توفّرها الخضار، تبيَّن أن بعضها يمكن أن يقي إلتهاب المفاصل. فقد أظهر البحّاثة الأميركيون في جامعة كارولينا الشمالية، أنّ الفيتامين (E) ومضادات الأكسدة الأخرى في الخضار ذات الألوان الزاهية، تقي الإصابة بإلتهاب المفاصل. فعند قياس مستويات 11 مادة نباتية مضادة للأكسدة في دماء 400 شخص، تبيّن أن خطر الإصابة بإلتهاب المفاصل، يتراجع بنسبة 30 في المئة، لدى الأشخاص الذين تحتوي دماؤهم على أعلى نسبة منها، مقارنة بالآخرين. وقد احتل الليكوبين واللوتين مرتبة متقدمة على لائحة مضادات الأكسدة هذهخأأأ المتوافرة في الخضار البرتقالية والخضراء والحمراء. وينصح الخبراء بتناول نوعين على الأقل من هذه الخضار الملونة يومياً، والحرص على التنويع بينها، للحصول على أكبر قدر من مضادات الأكسدة التي تقي الإلتهابات، بما فيها إلتهاب المفاصل. أمّا الفيتامين (E)، فإضافة إلى توافُره في الخضار، فإنّه موجود في الزيوت النيئة كافة... (تسخين الزيت يقضي عليه، لذلك يجب تفادي الأطعمة المقلية). وهو متوافر أيضاً في جنين القمح، فول الصويا، بذور دوار الشمس واللوز.
- إضافة البهارات المناسبة: يتميّز بعض أنواع البهارات، خاصة الكركم والزنجبيل، بخصائص وقائية ضد الإلتهابات، وخاصة إلتهاب المفاصل. فقد أظهرت الدراسات، أنّ الكركم يساعد على التخفيف من إلتهاب المفاصل بفاعلية العقاقير الكيميائية نفسها، من دون تأثيراتها الجانبية السلبية. ومن المفيد إضافة هذين النوعين من البهارات إلى الأطباق، كما يمكن إحتساء نقيع الزنجبيل.
- حُسن إختيار أنواع الرياضة: يجب تجنّب الرياضات التي تعرّض المفاصل للصدمات والضغوط، مثل كرة القدم، وإذا رغب الفرد في ممارسة رياضات مثل كرة المضرب، عليه أن يتلقّى الإرشادات والتعليمات من أخصائي لكي يتفادَى الإصابات. ومن الضروري جدّاً عند ممارسة أي رياضة، التزوّد بالمستلزمات المناسبة، مثل الأحذية الخاصة.
- الحفاظ على اللياقة البدنية: تقوية عضلات الفخذين الأمامية، تخفف من إمكانية تعرض الركبتين للإصابات. وتشير الدراسات، إلى أن تقوية هذه العضلات بنسبة 25 في المئة، تساعد على التخفيف من خطر الإصابة بالإلتهابات المفاصل بالنسبة نفسها. وينصح الخبراء بممارسة مزيج من تمارين الأيروبيكس، مثل المشي أو السباحة، وتمارين تقوية العضلات، مع الحرص على ممارسة الرياضة يومياً للحفاظ على مُرونة المفاصل. وتُعتبر الرياضات الشرقية مثل الـ"تاي تشي"، مفيدة جدّاً لصحة المفاصل ومُرونتها.
- تفادي زيادة الوزن: الوزن الزائد يضيف عبئاً إضافياً إلى المفاصل، خاصة مفاصل الركبتين. ويمكن للوزن الزائد، أن يتسبب في تحلّل الغضاريف، ما يفتح الطريق أمام الإصابة بإلتهاب المفاصل. وكان الخبراء قد أظهروا أنّ الأشخاص الذين يتخلصون من 5 كيلوغرامات زائدة من أوزانهم، ينجحون في خفض خطر إصابتهم بإلتهاب المفاصل بنسبة 50 في المئة.
- تلقّي العلاج الملائم: عند التعرض لإصابة مؤلمة، من الضروري إستشارة الطبيب الذي يقرّر نوع العلاج الذي يتوجّب علينا اتّباعه. فهو قد يقرّر ربط أو تثبيت مفصل أو عظمة، لكي تشفَى بشكل أفضل، ما يخفّف من خطر الإصابة بإلتهاب المفاصل.
- الحصول على الراحة اللازمة: الإصرار على ممارسة رياضة ما، على الرغم من التعرض لإصابة، يمكن أن يؤدي إلى إلحاق أضرار كبيرة ومزمنة في المفاصل، ويزيد من خطر الإصابة بإلتهابها. لذلك من الضروري الحصول على فترة الراحة الضرورية، لشفاء أي مفصل مصاب بصدمة، قبل العودة إلى ممارسة النشاط البدني.
- تجنَّب الدهون المشبعة: تُسهم الدهون المشبعة، مثل تلك الموجودة في اللحوم والزبدة والجبن ومشتقات الحليب كاملة الدسم، ودهون ترانس الموجودة في كل المنتجات، التي تحتوي على زيوت مهدرجة، في تفاقم الإلتهابات، لاسيّما إلتهاب المفاصل. لذلك من الضروري جدّاً التخفيف منها، ومن أحماض "أوميغا/ 6"، الموجودة في زيوت الذرة، العُصْفُر، الصُّويا.
2- طرق طبيعية لتقوية أنسجة المفاصل:
- الفيتامين (D): يتبوأ هذا الفيتامين مرتبة متقدّمة جدّاً على لائحة العناصر المغذية، الضرورية لمكافحة إلتهاب المفاصل، لأنّه يحمي ويقوّي غضاريف وعظام المفاصل. ومن السهل الحصول عليه، إذ يكفي التعرض قليلاً لأشعة الشمس يومياً. فالجلد يتمكن من تحويل 5 دقائق من التعرض لأشعة الشمس، يومين أو ثلاثة أيام في الأسبوع، إلى كل الكمية التي يحتاج إليها من هذا الفيتامين. ولزيادة كمية ما نحصل عليه من الفيتامين (D)، يمكن تناول الأطعمة المقوّاه به، مثل الألبان، إضافة إلى البيض وثمار البحر.
- الفيتامين (C): من دون هذا الفيتامين الرئيسي، لا يتمكن الجسم من تشكيل الكولاجين، حجر الأساس في بناء الغضاريف، العضلات، الأوتار والعظام. وهذا يعني أننا نُعرِّض مفاصلنا للخطر، إذا لم نتناول ما يكفي من هذا الفيتامين. يقول الخبراء، إنّ الإفتقار إلى هذا الفيتامين، يزيد من سرعة اهتراء وضعف أنسجة المفاصل بمعدل 3 أضعاف، مقارنة بما يحصل عند تناول كمية كافية منه والفيتامين (C) ضروري أيضاً، لأنّه مضاد قوي للأكسدة، أي أنّه يكافح طبيعياً الأضرار، التي تصيب أعضاء الجسم كافة. وكانت دراسة قد أُجريت في المركز الطبي التابع لـ"جامعة بُوسطن" الأميركية، قد أظهرت أن تناول كمية وافرة من الأطعمة الغنية بهذا الفيتامين، يخفف من حدة الألم لدى المصابين بإلتهاب المفاصل، ويخفف من سرعة تفاقمه. لذلك، من الضروري تناول الفواكه والخضار الغنية بالفيتامين (C) مثل الكيوي، الفراولة، البرتقال، والفلفل الأحمر.
- الماء: لا يمكن للجسم إنتاج غضاريف جديدة للمفاصل، إلا إذا توافرت لديه كمية كافية من الماء، الذي يُعتبر عنصراً رئيسياً في هذه الأنسجة الواقية للمفاصل. لذلك من الضروري إحتساء 8 أكواب من الماء يومياً. ويلعب الماء أيضاً دوراً مهماً في تشكيل وسادة، تساعد على "تزييت" المفاصل وتُسهّل حركتها.
- الأحماض الدهنية: تساعد أحماض "أوميغا/ 3" الدهنية، على مكافحة الإلتهابات التي تُلحق الأضرار بالمفاصل وتسبّب الألم والورم. وأظهرت الدراسات، أنّ هذه الأحماض تقلل الألم وتخفف من سرعة تلف الغضاريف. وينصح الخبراء بتناول حصتين على الأقل أسبوعياً، من الأسماك الدهنية الغنية بهذه الأحماض، مثل سمك السالمون والتونة، ويمكن أيضاً تناول أقراص زيت السمك. إضافة إلى أحماض "أوميغا/ 3"، تساعد الأحماض الدهنية الأحادية غير المشبعة، مثل تلك الموجودة في زيت الزيتون، على التخفيف أيضاً من إلتهابات المفاصل. وكان البحّاثة قد اكتشفوا، أن مادة "أوليوكانثال" الموجودة في زيت الزيتون، تتمتع بالخصائص نفسها المضادة للإلتهابات، الموجودة في العقاقير الكيميائية.
3- العلاج بالزيوت العطرية:
يُستخدَم العلاج بالزيوت العطرية، للتخلص من السموم وتعزيز الدورة الدموية حول المفاصل. وأبرز الزيوت العطرية التي تساعد على تنقية الأنسجة هي زيت: العرعر السرو والحامض. ويمكن إستخدام هذه الزيوت بإنتظام، على شكل زيوت في الحمّام، عن طريق إضافة 6 قطرات من أحدها إلى ماء الحمّام الدافئ في المغطس، ثمّ الإسترخاء داخله. وتُشكّل قطرات الزيت العطري وبسرعة، غلافاً رقيقاً على سطح الماء، يلتصق بالجلد ويتم إمتصاصه جزئياً، بمساعدة الدفء الذي توفّره مياه الحمام. ويتمتع زيت العرعر بخصائص مضادة للإلتهابات، مثله مثل زيوت البابونج، والخزامَى، وإكليل الجبل. ويمكن إستخدام هذه الزيوت الأخيرة، إمّا في الحمام، أو بعد تخفيفها بزيت مثل زيت اللوز، وإستخدامها لتدليك المنطقة المصابة تدليكاً لطيفاً. ولتحضير زيت التدليك، يتم إختيار واحد من الزيوت النباتية الخفيفة، مثل زيت اللوز الحلو، أو زيت بذور العنب أو زيت دوار الشمس، ويضاف إليه الزيت العطري، الذي يتمتع بالخصائص المطلوبة. وينصح أخصائيو العلاج بالزيوت العطرية، بإضافة 20 قطرة كحد أقصى من الزيت العطري، المستخدم لخصائصه العلاجية، إلى مقدار 100 ملل (أو مقدار نصف كوب) من الزيت النباتي المستخدم للتخفيف، أي بنسبة واحد في المئة. وبعد خلط مزيج الزيتين، ويُستحسن إستخدامه فوراً، وإذا كان لابدّ من حفظه، فيجب أن يتم ذلك في مكان بارد ومظلم لفترة قصيرة فقط، لأنّه يَفسد بسرعة. وإذا كان التدليك صعباً أو مؤلماً، يمكن إستخدام الزيوت العطرية في كمادات ساخنة. وينصح الخبراء بالجمع بين نوعين من الزيوت المذكورة لتعزيز فاعليتها، ومن الضروري التنويع وتجنّب إستخدام الزيت نفسه لفترة طويلة. ولتنشيط الدورة الدموية في المنطقة المحيطة بالمفاصل، يمكن إستخدام زيت الفلفل الأسود، الزنجبيل، المَرْدَقُوش وإكليل الجبل، في أيٍّ من الطرق المذكورة أعلاه. ونُلاحظ أن بعض الزيوت، تتمتع بخصائص مزدوجة. بالتالي، يمكنها أن تساعد على التخفيف من الإزعاج الذي يسبّبه إلتهاب المفاصل بطُرق عديدة.
4- الأعشاب المفيدة:
يتوافر العديد من الأعشاب المفيدة، لغرض التنقية من السموم وتنشيط الدورة الدموية والتخفيف من الإلتهابات. وللتخلص من السموم الحمضية التي تزيد من تفاقم إلتهابات المفاصل، يمكن إحتساء نقيع بذور الكرفس الذي يُسهم في هيمنة بيئة قلوية على الجسم بأكمله. ولتحضير هذا النقيع يكفي إستخدام مقدار ملعقة صغيرة من بذور الكرفس، التي يُستحسن سحقها قليلاً بالملعقة، قبل أن يُصَبّ عليها الماء المُغلَى، وتُترك منقوعة لمدة خمس دقائق. ويساعد البقدونس أيضاً في التخلص من السموم عن طريق البول. ولتحضير نقيعة يُضاف مقدار ملعقة صغيرة من أوراق البقدونس المقطعة إلى نقيع بذور الكرفس، للحصول على أفضل النتائج، ويقول الخبراء، إنّ إحتساء فنجانين من هذا النقيع مرّتين يومياً، لمدة أسبوع أو أسبوعين، يُسهم في إحراز تحسُّن ملحوظ جدّاً. ولتحسين الدورة الدموية، ينصح الخبراء بإحتساء نقيع الزنجبيل، أو إضافة الزنجبيل المقطع أو المبشور إلى نقيع بذور الكرفس والبقدونس. ولكمافحة الإلتهابات، يُمكن إحتساء نقيع عشبة ملكة الزروج (Meadowsweet) والكافورية أو الأقحوان (Feverfew).
لمزيد من التواصل مع موقع عالم المعرفة و التميز أضغط هنا و أنضم لصفحتنا على Facebook