قصة قصيرة .. لن أصرخ مجددا



أين أنا الآن ؟ ما هذا المكان ؟ يبدو لي أنها غابة ضخمة . ماذا أفعل في هذه الغابة الموحشة ؟ إنني لا أعرف كيف وصلت إلى هنا . من الأفضل أن أتمشى لعلني أجد من يساعدني لأجد منزلنا. بدأت أتمشى حتى شعرت بالتعب, فجلست تحت شجرة عملاقة من بين كل أشجار هذه الغابة العجيبة. فرأيت رجلا له شعر كثيف و عيناه بنيتان و تلمعان كعينا القط في الليل, و حذائه مليء بالطين كأنه داس في بقعة من الوحل. فسألني : ماذا تفعل هنا ؟ فقلت له : إنني ضائع في هذه الغابة و لا أعرف أين أجد منزلنا ؟ فقال : كيف وصلت إلى هنا ؟ فقلت : لا أعرف . فقال : على أية حال , منزلي قريب من هنا فلنذهب إليه لتأكل شيئا فعلى ما يبدو لي أنك جائع , ثم نذهب للبحث عن منزلكم , فلا تخف . ذهبنا إلى منزل الرجل و لكني كنت اشعر بخوف غريب حيال هذا الرجل. عند وصولنا للمنزل أخرج الرجل من جيب سرواله مفتاحا كبيرا وقديما, و فتح به الباب فأمرني بالجلوس على كرسي من الخشب و صباغته القديمة تدل على أنه موجود هنا منذ زمن طويل, و ذهب هو للمطبخ. أثارني شيء في هذا البيت و هو أن جدرانه مليئة بصور بعض بعض الأولاد, فاقتربت لأراهم جيدا و إذا بالرجل ورائي ومعه سكين. شعرت بخوف شديد لم أشعر به من قبل وبدأ قلبي يخفق بسرعة. فقال لي : هل تعرف من هؤلاء ؟ فقلت أن أرتعد : كلا , فقال لي : إنهم الأولاد الذين يصرخون على أمهاتهم و لا يسمعون لأمهاتهم . فتذكرت البارحة حين قال لي أمي: اذهب يا بني, واشتري لنا بعض الشاي فقد انتهى فقلت لها منزعجا: إنني أشاهد مسلسلي المفضل الآن, يا لك من مزعجة ! . فقلت له: إذا حتى أنا من هؤلاء الأولاد ؟ فقال : أجل, فقلت له: و هل ستعاقبني على هذا بقتلي ؟ من أجل صرخة بسيطة !! فقال: بالفعل. فبدأ يقترب مني و هو حامل السكين في يديه و ملامح وجهه قد تغيرت كأنه وحش , فلمحت قطعة من حديد تحت الطاولة فالتقطتها و أرسلتها على رأسه فبدأ ينزف من رأسه , وهرولت إلى الباب و لكنه كان مغلقا , فكسرت النافذة بواسطة القطعة الحديدية و قفزت منها و بدأت أركض بسرعة , و أنا في حالة من الرعب الشديد , ولم أبتعد كثيرا عن المنزل حتى وجدت نفسي أنزلق من حفرة إلى الأسفل . لقد كان فخا: يا الهي ما هذه الحفرة المظلمة ؟ ! وبدأت تخرج منه العديد من الخفافيش التي تصدر أصواتا تثير الرعب في النفوس. لا أستطيع أ ن أصف لكم الخوف الذي شعرت به . ومما زاد خوفي هو أنني أحسست بشخص آتإلي, ويقول لي : إنني آت إليك يا شقي ! , فقلت في نفسي :
لابد أنها نهايتي . فصرخت صرخة عالية : أمي ! أمي ! أنقديتي ! . وإذا بي أستيقظ على صوت أمي قائلة: ما بك يا ولدي تصرخ أمي ! أمي ! ؟ فقلت لها: لقد كان حلما مرعبا حقا ! فقالت لي :
ما كان ذلك الحلم ؟ فقلت لها: لم أعد أتذكره جيدا , لكن كانت هناك غابة كبيرة ورجل مخيف . فقالت لي : إنها السابعة اذهب لتغسل وجهك , و ذهبت إلى المطبخ , و لكن قبل أن تخرج من غرفتي أسرعت إليها , و عانقتها بشدة وقلت لها و أنا أذرف الدموع: سامحيني يا أمي, لن أصرخ في وجهك مرة أخرى.
لمزيد من التواصل مع موقع عالم المعرفة و التميز أضغط هنا و أنضم لصفحتنا على Facebook