كيف يختار الشاب شريكة لحياته؟


شرطان أساسيان وضعهما الرسول عليه الصلاة و السلام لإختيار الشريك: "إذا جاءكم مَن ترضون دينه وخلقه فزوّجوه إلاّ تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير". فالدين الذي تتوِّجهُ الأخلاق عاصم – إلى حدٍّ كبير – من تعسّف الزوج وإستبداده وإساءته لزوجته وغمطه لحقوقها.
فصاحب الدين والخلق ينظر إلى إمرأته على أنّها زوجته في الجسد ورفيقته في درب الإيمان، فيراعي حقّها في هذا وفي ذاك. وهذا ينسجم مع التوجيه النبوي الآخر لشاب جاء يسأل ممّ يتزوّج، فقال له الرسول عليه الصلاة و السلام : "عليك بذات الدين تربت يداك". فالشرط واحد في الشاب المتقدّم للزواج وفي الفتاة التي يخطب ودّها ويطلب يدها.
أين إذاً موقع الجمال من هذه الصفات؟
إنّ النبي عليه الصلاة و السلام يركِّز هنا على الشروط الأساسية، ولا يعني ذلك إهمال المواصفات الأخرى كالشكل، حيث ورد تأكيد على أن يختار الشاب التي تسرّه إذا نظر إليها، أي تملأ عينه فلا ينصرف عنها لسواها، أو لا يمدنّ عينيه لما متّع الله به أزواجاً آخرين.
فالتديّن والأخلاق يأتيان في الصّدارة ثمّ المواصفات الأخرى. الشكل المقبول الذي ترتاح إليه النفس مطلوب أيضاً، حتى ورد في الحديث في وصف الزوجة المطلوبة بأنّها: "التي تسرّهُ إذا نظر".
إلاّ أنّ الجمال نسبي وهو كثيراً ما ينبع من ذات الفتاة وشخصيّتها لا من مظهرها الخارجي فحسب، ولعلّ ما يفسِّر أهمية الدِّين والأخلاق أنّهما أكثر ثباتاً من الجمال، فهذا في الشكل الخارجي وذاك في المضمون الداخلي.. هذا ثابت وذاك عرضةً للتغيير.
ففي الحديث عن الرسول عليه الصلاة و السلام : "لا تنكح المرأة لجمالها، فلعلّ جمالها يرديها، ولا لمالها، فلعلّ مالها يطغيها، وانكح المرأة لدينها".
والمراد بالدِّين، حقيقته لا مجرّد المظاهر، ويتجلّى ذلك في إستقامة السلوك والمعاملة، وحُسن السِّيرة والخُلق، والعدل والإنصاف في معاملة نفسه والآخرين. وفي الحديث الشريف عن رسول الله عليه الصلاة و السلام : "خيركُم خيركُم لأهله، وأنا خيركُم لأهلي".
ومرّة أخرى لا تنافي ولا تعارض بين أن يطلب الشاب الفتاة الطيِّبة الصافحة والتي تسرّه رؤيتها.
أمّا إيكال أمر الزواج أو إختيار الزوجة إلى الأهل أو مكاتب التزويج أو الإعتماد على أعمدة الصحف التي تدّعي التقريب بين الجنسين، فإنّ ذلك قد يوفِّر فرصة مناسبة لمن يرغبون بالزواج، لكنّ الإختيار – بما يمثِّله من شريكة حياة – يفضّل أن يكون بيد الشاب الراغب بالزواج نفسه، إلاّ إذا سدّت الأبواب وأغلقت السبل، أي لابدّ أن يراعي في إختياره الشروط التي توفِّر شريكاً صالحاً، ومن المناسب جدّاً مشاورة الأهل والتفاهم معهم في قرار كهذا للإستفادة من خبرتهم وتجاربهم الحياتية في هذا المضمار.
ولا تفوتنا الإشارة إلى أنّ بعض الشبان والفتيات يضعون لائحة طويلة وعريضة بشروط إختيار الشريك يبدو بعضها أو أكثرها مثالياً، في حين أنّ المنطق السليم يقتضي أن يقدِّم كلّ طرف (الشاب أو الفتاة) شيئاً من التنازل في بنوده الثانوية ويركِّز على الشروط الأساسية كالدين والخلق والميل والتكافؤ.
لقد أجرى أحد مواقع الإنترنيت الشبابية إستطلاعاً للرأي حول أهم ثلاث صفات يريدها الشاب في شريكة حياته فجاءت النتائج متراوحة بين رجاحة العقل والإتزان والأخلاق والثقافة والجمال والحبّ وقوّة الشخصية والإستقلالية والتديّن والمستوى الإجتماعي وتفتح المدارك، وأن تكون محجّبة وأن تلائم ملابسها الموضضة، وأن تحمل نفس الإختصاص.
وفي نظرة سريعة إلى هذه المواصفات يتبيّن أنّها تدور بين الأخلاق والعفاف والتدين، والثقافة، والجمال، الأمر الذي يعني أنّ التوجه في الإختيار في المحصِّلة يتفق مع المعايير الإسلامية.
وأمّا يخصّ التوافق في العمر فلا يصحّ أن تتسع الفجوة، فإذا لم يكن الفارق معقولاً نشأت حالات الإختلاف والشِّجار والكآبة وربّما الإنفصال، إلا أنّ لكل قاعدة إستثناء، فإذا ما حصل التوافق التام بين الطرفين وتوفّرت الشرائط المختلفة، فإن ذلك يمكن أن يتجاوز فارق العمر ليعيشا سعيدين.
لمزيد من التواصل مع موقع عالم المعرفة و التميز أضغط هنا و أنضم لصفحتنا على Facebook