أحلام الهجرة تداعب رؤوس الشباب ، الهجرة السرية .

حلم زائف وهروب من واقع سيء
أحلام الهجرة تداعب رؤوس الشباب
تحولت الهجرة باتجاه اوروبا بشكل خاص ‏من ظاهرة طبيعية وظرفية الى هاجس يستحوذ على عقول الكثيرين من الشباب.‏
‏فبينما كانت الهجرة تمثل فى السابق "الحل المؤقت الدائم" لفئة العمال غير ‏المتعلمين لتحسين ظروفهم المادية والمعيشية مقابل تضحيات معنوية وحرمان متعدد ‏الجوانب اصبحت فى عصرنا الحاضر الهدف الرئيسى الذى يسعى من اجله اغلب الشباب طمعا ‏فى تحقيق احلامهم.‏


كما اصبحت الهجرة هى ايضا المخرج الوحيد فى نظر الكثيرين لتحقيق حلم الصورة ‏الجميلة التى سكنت عقول الشباب وسيطرت عليها حتى اصبحت نزيفا حقيقيا يهدد على ‏المدى البعيد التركيبة السكانية ومسيرة التنمية البشرية للدول المصدرة للمهاجرين ‏ويقلب المفاهيم والقيم راسا على عقب على حساب طلب العلم والامل فى المستقبل فى ‏الوطن الام.‏
‏وغالبا ما يبدا الشباب فى بعض المناطق المعروفة تقليديا بارتفاع عدد المهاجرين ‏منها بالتخلى تدريجيا عن الدراسة والتحصيل العلمى والتخطيط فى سن مبكرة لمشروع ‏الهجرة والتفكير فى انجازه ولو كان الثمن حياتهم وسلب سعادة عائلاتهم.‏
‏لاسيما وان الهجرة اخذت فى السنوات الاخيرة منحى غير شرعي خطيرا امام تشديد ‏اجراءات السفر والاقامة فى الدول الاوروبية وعلى الرغم من ان جنون المغامرة اودى ‏بحياة عديد من الشبان الذين قادتهم احلامهم الى افواه الاسماك فى البحار ‏والمحيطات.‏
‏كما اصبحت الاخبار والتقارير اليومية عن حوادث غرق مراكب الرحلات البحرية ‏السرية بالمهاجرين من كل حدب وصوب واعداد الضحايا من موقوفين وقتلى امرا عاديا لا ‏تكاد تخلو منه الصحف الاجنبية اليومية امام تنامى هذه الظاهرة التى ‏تؤرق دول البحر الابيض المتوسط بشكل عام وايطاليا واسبانيا مركز العبور الرئيسى الى اوروبا ‏بشكل خاص.‏
‏وتحولت الهجرة ايضا من ظاهرة اقتصرت فى البداية على الشاب الحالم ‏بالثروة الى مشكلة تؤرق الاولياء الذين غالبا ما يضعهم ابناؤهم امام الامر المقضى ‏بالفشل المتعمد احيانا فى الدراسة لاجبارهم على دفع الثمن العالى لاقتناء تاشيرة ‏الهجرة الثمينة اذا توفرت او اللجوء الى تزويج الابن المرشح للهجرة من فتاة من ‏الاقارب متجنسة بجنسية اوروبية ومقيمة فى الخارج او بزواج وهمى من امراة اوروبية ‏مقابل مبالغ مالية طائلة كى يتمكن من الحصول على وثائق السفر.‏
‏وفي حالة عدم توفر هذين الحلين لايبقى امام الشاب المولع بالهجرة سوى المغامرة ‏برحلة بحرية سرية مع احد مهربي المهاجرين يصعب التكهن بنهايتها التى غالبا ما ‏تكون الموت اوالايقاف او الاعتقال التحفظى فى احد معسكرات تجميع المهاجرين غير ‏الشرعيين فى ايطاليا علما وان البعض من هؤلاء المغامرين حالفهم الحظ وتمكنوا من ‏بلوغ الهدف فى بلد الاحلام الزائفة.‏
وعلى الرغم من ان الشباب لا ينظرون سوى لقلة من الذين اسعفهم الحظ ‏وعادوا على الاقل سالمين الى الوطن متناول فان الجهل ‏بالظروف القاسية والمعاناة الشديدة فى بلاد الغربة يدفع العديد من الشبان الى ‏التشبث بهذا الخيار الوهمي الذي يؤدي حتى في حالة النجاح في الهجرة غير الشرعية ‏الى المنفى الاختياري وبمحض الارادة والى مجازفات بالجملة للكسب المشروع وغير ‏المشروع لاثبات الذات والعودة بالسيارة الفخمة المنشودة "عنوان النجاح" ولتعقيد ‏‏المزيد من الاطفال والشبان الذين لا هدف لهم سوى الهجرة ثم الهجرة ثم الهجرة.‏

لمزيد من التواصل مع موقع  عالم المعرفة و التميز أضغط هنا و أنضم لصفحتنا على Facebook