المراهقة والبلوغ.. كيف نتعامل معها؟


لا تؤثر عوامل البلوغ المتغيّرة على الجسم فحسب فبالإضافة إلى عملها في تسريع نمو البدن فهي تؤثر على نفس المراهق وتبدل أفكاره وأخلاقه وتبعث فيه ثورة نفسية عميقة الأثر؛ ولهذا نرى أن سلوك وفكر وخلق البالغ حديثاً تتمايز كثيراً عن الطفل غير البالغ، فإن للغدد الجنسية وظائف أخرى غير
دفع الإنسان لإتيان عمل من شأنه حفظ الجنس فهي تزيد أيضاً من قوة النشاط الفسيولوجي والعقلي والروحي، لأن للخصيتين والمبايض وظائف على أعظم جانب من الأهمية، إنّها تولد الخلايا الذكرية والأنثوية وهي في الوقت نفسه تفرز في الدم مواد معينة تطبع الخصائص الذكرية أو الأنثوية المميّزة على أنسجتها وأخلاطنا وشعورنا وتعطي جميع وظائفنا صفاتها من الشدة، فالخصية تولد الجرأة والقوة والوحشية، إذ أن للخصية أكثر من أي غدة أخرى فلها تأثير عميق على قوة العقل وصفته، فكبار الشعراء والفنانين والقديسين والغزاة يكونون عادةً أقوياء من الناحية الجنسية، ويؤدِّي إستئصال الغدة الجنسية إلى حدوث بعض التغييرات في الحالة العقلية، حيث تصبح النساء متبلدات الشعور بعد إستئصال المبيضين ويفقدن قسماً من نشاطهنّ العقلي وكذلك بالنسبة للرجل. إذ في باطن الإنسان هناك قوتان عظيمتان على قدرٍ كبيرٍ من التأثير وهما: العقل والعواطف.
والمراد من الجانب النفسي والمعنوي للإنسان هو مجموع هاتين القوتين، وهما تتأثران بالبلوغ إلى جانب التأثير الجسمي في النمو والتكامل العضوي، وتسير معاً جنباً إلى جنب في طريق النضج مع مئزرٍ واحدٍ هو أن نمو العواطف يساير نمو الجسم في السرعة وتنضج عواطف المراهق بشكل سريع وشديد بينما يطوي العقل تدريجياً منازل كماله ومراحل نموه على هونٍ، ويبلغ نموه النهائي بعد مضي سنواتٍ طوال.
ثمّ إنّ الطفل أيضاً قد يكون لديه إلحاح وفضول جنسيان وببلوغه سن المراهقة فإن هذه الحاجات تقوى وتزداد، وقد دلت دراسة كنزي (Kinsey) عن المراهقين من الفتيان دلالة واضحة على أن فترة المراهقة هي فترة رغبات جنسية قوية وقد ثبت له أن ما يزيد عن 95% من المراهقين الذكور في المجتمع الأميركي يكونون فعالين جنسياً حين بلوغهم الخامسة عشرة من العمر وهو يعني انغماسهم في فعاليات من مثل الإستمناء (masturbation) والإحتلام (wet dream)، الجماع (sexual intercourse) والغزل (flirtation)، واللواط (pederasty) وفي هذا دليل على الحاجة الكبرى للتربية الجنسية؛ ولذلك فإنّ المراهق بحاجة لمساعدته فيما يخص مشكلاته الجنسية، وفي هذا الكلام إذ أنّ هذه الشهوة هي أغلب الشهوات على الإنسان وأعصاها عند الهيجان على العقل إلا أن مقتضاها قبيح يُستحى منه ويُخشى من اقتحامه، وأما إمتناع أكثر الناس عن مقتضاها فهو إما لعجز أو لخوف أو لحياء أو لمحافظة على حشمة، وليس في شيء من ذلك ثواب وإنّما الفضل والثواب الجزيل في تركه خوفاً من الله تعالى مع القدرة عليه وإرتفاع الموانع لاسيما عند صدق الشهوة.