كيف نعامل ولي الأمر الغاضب؟


حُسن التصرُّف في مواقف معيّنة قد يكون غاية في الأهمية، فقد يصل بصاحبه لبرّ الأمان ويجعل الموضوع يسير بسلاسة مع إرضاء جميع الأطراف، والعكس صحيح، عندما نخطئ التصرّف وتكون ردود أفعالنا مجرّد تصرفات دون تفكير؛ فيتحول الموقف ضدنا وتسوء الأمور وتطول مدة المعاناة، ومن أصعب المواقف التي قد يختبرها المعلم مهاجمة أحد أولياء الأمور له بعصبية وثورة، فإذا أساء التصرّف في تلك اللحظات فستنهدم جميع الجسور بين البيت والمدرسة والتي تحرص العملية التربوية على مدها بينهما، التصرّف على السجية قد يؤدِّي إلى عواقب وخيمة في بعض الأحيان، ولهذا يجب أن نبحث عن الوسائل المختلفة لنتمكن من التصرّف الصحيح، وهذه الوسائل قد خبرها أشخاص قبلنا ومارسوها، ونقلوا لنا تجاربهم لتكون حياتنا أكثر سهولة.
خطوات بسيطة تفصل بين حُسن التصرُّف وعدمه، وهذه الخطوات من الممكن التدرب عليها، وهذا ما سوف نطرق إليه في هذا العدد:
- خطوات التعامل مع الوالد الثائر:
1- الطريقة التي يستقبل بها المعلم أو ناظر المدرسة الوالدين لها أثر كبير في نفسية الأهل؛ فبشاشة الوجه، والسلام، والدعوة للجلوس في الغرفة المخصصة تشعر كلا الوالدين أنّ المدرسة لديها استعداد للإستماع لآراء الوالدين وتفهُّم الوضع والوصول لحل، كما أنّ على المربي أن يدرك نقطة مهمة، وهي أنّ الوالد الغاضب ليس غاضباً من المعلم أو الناضر بشكل شخصي، ولكن هناك شيئاً آخر سبب ذلك الغضب، ومن واجب المعلم أن يتحسّس أسباب غضب الوالدين.
2- من الأفضل أن يتم تدوين الملاحظات أثناء تحدث الوالدين وإعادة الجمل على مسامعهم كما قالوها، وكذلك شكرهم على إثارتهم مثل تلك النقاط ولفت نظر الإدارة المدرسية لمثل ذلك الموضوع، وأنّ الإدارة المدرسية سوف تتحقّق من تلك الجزئية وتبحث الظروف المحيطة بها، فهذا من شأنه أن يجعل الوالدين يدركان بأن مشاعرهما لها اعتبار، بل هي محط اهتمام إدارة المدرسة.
3- الإستماع للوالدين باهتمام وعدم مقاطعتهم يجعلهم يفرغون كلُّ ما في جعبتهم، أمّا إذا وقف المعلم موقف المهاجم فسيصبح الموقف كأنّه معركة بين قوتين كلتيهما تحاول الخروج منتصرة، وهنا لن يصلا إلى حل يكون في صالح الطفل أو العملية التربوية.
4- يجب أن يكون الطفل أو التلميذ بعيداً عن مكان النقاش وهذا لصالح العلاقة القائمة بينه وبين معلمه التي بالتأكيد ستتأثر إذا ما شاهد والده وهو يصب غضبه على المدرس، ولكن يمكن استدعاؤه في نهاية الموقف عندما يتوصل كلا الطرفين لحل ويكون عليهما إخباره بالخطوات التي عليه القيام بها مستقبلاً.
5- من الواجب أن يعامل المدرس الوالدين بالطريقة نفسها التي يحب أن يتم التعامل بها معه إذا كان هو الوالد الغاضب، فيحسن إستقبال الوالدين ويستمع بانتباه ويدون الملاحظات، وينظر ويتحقق من الأمر.
6- ثورة الوالدين دائماً ما تكون نابعة من حبهما وحرصهما على أبنائهما، وهذه الحقيقة يجب أن تؤخذ في الاعتبار عند التعامل مع الوالدين، كما يجب أن تكون مصلحة التلميذ والعملية التربوية من الأولويات، ولا يكون التصرّف المتخذ نتيجة رد فعل للوالد الغاضب، وإذا شعر الوالد بأنّ المعلم يهتم بمصلحة ابنه ستكون هناك فرصة للتفاهم.
7- عندما يحتد الموقف ويبدأ الوالدان بإستعمال ألفاظ غير لائقة يجب على إدارة المدرسة إنهاء اللقاء في حينها، وتعيين موعد آخر يكون عنده الوالدان أكثر تحكماً في ألفاظهما وتصرفاتهما أو يتم إعطاؤهما فرصة للهدوء، كأن يقدم لهما بعض المشروبات، ودعوتهما لتناولها بهدوء ومن ثم العودة للحديث، ويجب أن تكون هناك رسالة واضحة للوالدين أنّ الإجتماع دائماً يكون للإستماع لوجهات النظر وما يتعلّق بالمسألة المطروحة وليس للألفاظ غير اللائقة التي تجرح شخص المعلم.
8- العلاقة بين الوالدين والمدرسة يجب أن تكون قائمة قبل أي حادثة خلاف، ومن الأفضل ألا تنتظر الإدارة المدرسية كثيراً قبل أن تخبر الوالدين عن مستوى ابنهما سواء الدراسي أو الإجتماعي بل وتشركهم في الأنشطة المدرسية قدر الإمكان، ويكون هناك تواصل مستمر بين أهالي التلاميذ والمدرسة، فمثل تلك البيئة تخفف من حدة الخلافات وتجعل التفاهم بينهما أفضل.
9- جميعنا هنا يهمنا مصلحة التلميذ"، جملة يجب أن تكرر على مسامع الوالدين فكل ما يتم التحدّث فيه وتوجيه الأسئلة عنه ومحاولة حله وإيجاد بدائل عنه هو محاولة للوصول لحل منطقي للمشكلة ويكون هذا الحل لمصلحة الطالب.
10- أثناء الحوار يجب أن تكون هناك حقيقة واحدة يجب التركيز عليها ووضعها تحت المجهر، فمثلاً إذا كان هناك مشكلة مع طالب آخر يجب أن نركز على سلامة الطلبة، وإذا كانت هناك مشكلة في الدرجات يجب أن نركِّز على نقطة تحمل المسؤولية وهكذا علينا أن نجد نقطة معيّنة ونضع عليها دائرة ونحقق فيها.
11- "ما الحل في رأيك لمثل تلك الحالة؟" أو "كيف يمكن أن أقدم المساعدة للتوصل لحل يرضي جميع الأطراف؟" سؤال هو بداية للتوصل لطريقة للتفاهم مع الوالدين فتغيير مجرى تفكير الوالدين من مجرّد تفريغ للغضب إلى محاولة التوصل إلى حل يجعلهم أكثر هدوءاً وتعاوناً.
12- السكرتارية المدربة والجيِّدة تقلل الكثير من حدة غضب الوالدين قبل أن يصلا إلى الإجتماع مع الناظر أو المعلِّم، فمثل تلك السكرتارية تحس الإستقبال، وتستمع بانتباه وتكون على دراية جيِّدة بقوانين المدرسة وتستطيع أن تشرحها للوالدين ومع هذا النوع من السكرتارية تقل الخلافات كثيراً.
13- في أي إجتماع مع الوالدين من الأفضل أن يكون الهدف منه واضحاً منذ البداية، بل يفضل أن يكون المدرس لديه رؤية واضحة، ولا ينساق فقط وراء رأي الوالدين ولكن عليه في نفس الوقت أن يعطي الوالدين في البداية الفرصة لتوضيح وجهة نظرهم ويحترمها، ومن ثمّ يوجه الأسئلة التي تفيد الموضوع، ويوضح رأيه في النهاية.
14- يجب أن توصف المشكلة بطريقة توضح التصرّف وليس عن طريق حكم يطلق على الطالب، فمثلاً لا يقال: "ابنكم مهمل" ولكن ".. لا يقدم الواجب المدرسي في الموعد المحدد له"، لا يقال: ابنكم مشاغب، ولكن ".. كثيراً ما يضايق التلميذ الجالس بجانبه.
15- في نهاية الإجتماع يجب أن يلخص الموضوع في عدد من النقاط العملية التي على الطرفين القيام بها، ومن ثمّ تحديد موعد آخر للقاء للوقوف على المرحلة التي وصل لها كلا الطرفين في الطريق نحو الحل.