رأي الإسلام في الغناء


اختلفت آراء الفقهاء في كل من الغناء والموسيقى والرقص، فمن قائل بحرمتها مطلقًا وقائل بكراهتها وقائل بإباحتها. من ذلك نجد أن أبا حنيفة مثلاً يقول ¸إن الغناء من الذنوب التي يجب تركها والابتعاد عنها، وتجب التوبة عنها فورًا·. أما أصحابه فقد صرحوا بحرمة الغناء وسائر الملاهي، وخصوا الغناء بكونه معصية توجب فسق صاحبها وتُردُّ شهادته. أما ما نقل عن الإمام أحمد فهو قوله ¸الغناء ينبت النفاق في القلب فلا يعجبني·. أما رأي الإمام الشافعي فنستشفه من قوله: ¸الغناء لهْوٌ مكروه يشبه الباطل والمحال، ومن استكثر منه فهو سفيه ترد شهادته·، وقال الإمام مالك ¸الغناء إنما يفعله الفساق·. وفسر كثير من المفـسرين لهو الحديـث في الآية ﴿ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله﴾ لقمان: 6. بأن المقصود به الغناء. ومن آراء الحنابلة التي لا يصرح بها بالحرمة رأي ابن قدامة الذي لا يصرح بحرمته وإنما يصف من يداوم على ذلك بأنه ساقط المروءة فيقول: ¸الدف والشبابة والغناء جميعها من اللعب، فمن جعلها دأبه، واشتهر بفعلها أو استماعها، أو قصدها في مواضعها فهو ساقط المروءة وكذلك الرقّاص·.

أما القائلون بالإباحة فيقولون إن الغناء من حيث إنه ترديد للصوت بالألحان؛ فهو مباح لا شيء فيه، لكن قد يعرض ما يجعله حرامًا أو مكروهًا؛ فيحرم إذا ترتب عليه فتنة أو تضييع للوقت أو انصراف عن أداء الواجبات، وإلا فهو مباح. ويقول الغزالي في إحياء علوم الدين إن النصوص تدل على إباحة الغناء والرقص والضرب بالدف واللعب بالورق والحراب والنظر إلى رقص الحبشة في أوقات السرور قياسًا على يوم العيد فإنه وقت سرور، فقد روى البخاري في صحيحه أن أبابكر انتهر مغنيتيْن كانتا تغنيان في بيت عائشة بحضور الرسوله عليه الصلاة و السلام فطلب منه الرسول ه عليه الصلاة و السلامأن يدعهما وقال: إن لكل قوم عيدًا وهذا عيدنا. وكذلك قياسًا على العرس أيضًا؛ فقد روى أحمد واصحاب السنن إلا أبا داود بإسناد حسن قوله عليه الصلاة و السلام : فَصْلُ ما بين الحلال والحرام الدف والصوت في النكاح، وقاس الغزالي على ذلك، الوليمة والعقيقة والختان ويوم القدوم من السفر وسائر أسباب السفر وكل ما يجوز به الفرح شرعًا. لكنه قسم الغناء إلى أقسام كثيرة ذكر الحرام منها وهو ما يترتب عليه فتنة أو محظور ديني أو كان بألفاظ مستهجنة لا يرضاها الدين.