قصة خرجت.. ولم تعد


وعدتني بأن تكون نبع السعادة في حياتي.. بأن تكون أمي وأختي وصديقتي وحبيبتي.. لكن منال خذلتني.. مازلت أعاني من الصدمة.. اكتشفت بالمصادفة أنّها كانت مرتبطة بآخر.. قالت: لم أتعمد الإخفاء عنك.. خالد هذا كان من أسرة صديقة.. كنا مرتبطين بقراءة الفاتحة فقط، ثمّ سافر هو في بعثة وانقطعت أخباره عنا تماماً.. قصة مألوفة. أحسست وقتذاك كأن قلبي قد كف عن الخفقان.. اتّخذت قراري في الحال.. الانفصال عنها.. مجرّد خطبة ويا دراما دخلك شر. انتقدني صديقي "عمر".. قال: أنت تعيش وهماً.. أضعت منال منك.. وهي كانت رائعة.. قلت: طول عمري أحلم بزوجة لا ماضٍ لها.. قال: عن إذنك.. أنت تضيع وقتي في كلام فارغ.. بعد شهرين كنت أعقد قراني على مَنْ اختارتها ليَّ أختي.. فتاة دون العشرين، لم تلتحق بعد بالجامعة لأنّها فشلت في الحصول على الثانوية العامة مرّتين، علاوة على أن والدها من الأثرياء وقد رحب بيَّ كثيراً.. لمحت الدهشة في نظرات خالد وأنا أزف إليه النبأ.. قلت: صدقني.. الطريقة التقليدية في الزواج أفضل.. وعلى فكرة حفل الزفاف بعد أسبوعين.. شُغلت بزوجي تماماً عن كل شيء في الدنيا.. حتى عن صديقي خالد.. تفرغت لرعايتها وتدليلها.. لم يدهشني في البداية عدم تجاوبها.. عزوت ذلك إلى صغر سنها.. لكن الشهور مضت وهي مازالت على حالها.. حتى كان ذلك اليوم الذي صرخت فيه.. لا تحاول أن تأسرني بجمائلك وحُسن معاملتك.. أرجوك افهمني حاولت بتصرُّفاتي أن أنبهك حتى قبل عقد القران.. لقد كنت مرغمة على هذا الزواج.. قلبي متعلّق بآخر.. طالب بكلية الهندسة.. كنا قد تعاهدنا على الزواج، وعلم أهلي ولجأوا إلى كل الطرق لإبعادي عمن أحب لأنّه بسيط وفقير.. أرادوا ليَّ زيجة أفضل.. وظهرت أنت ووجدوا فيك المنقذ.. لم أشعر إلا وأنا أصرخ: كفى.. أخرجي من بيتي.. أنت طالق.. خرجت.. لم أحاول معرفة وقع الأمر على أهلها.. جريمتهم وعليهم أن يتحملوها.. ظلموني وظلموها.. هزتني الأحداث بعنف.. ظللت لمدة أسابيع عاجزاً عن التركيز في عملي.. كنت أهرب من الجميع.. حتى من خالد.. اكتفيت بأن قلت له: لم أستطع التفاهم معها.. يا صديقي العصرية كل لا يتجزأ.. ومشكلتك أنك تأخذ منها قشورها.. يجب أن تراجع مفاهيمك.. فكرت طويلاً في كلامه.. أدركت أنني أخطأت بالفعل.. موقف منال كان سليماً، حينما عرفتني كانت قد طوت صفحة الماضي، لكنني حاسبتها على فترة لم أكن خلالها موجوداً في حياتها.. ثمّ كيف تصوّرت أنني بالزواج التقليدي قد ضمنت الصفحة بيضاء في ماضي زوجتي؟ لاحت صورة منال.. كما عهدتها.. أجمل النساء.. أحسست بأمواج الحب الحقيقي تغمرني.. هي العودة إليها إذن تائباً نادماً.. لكن كيف السبيل إلى ذلك؟ وجدت الوسيلة بعد تفكير.. صديقي خالد.. حمامة السلام.. تمنيت لو طرت إليه بأقصى سرعة.. فتح الباب بنفسه.. استقبلني بالأحضان.. لاحظت أنه مرح أكثر مما عهدت فيه.. قال: والله كنت على بالي.. الواقع.. الموضوع غريب بعض الشيء.. هذه الدنيا عجيبة حقاً.. صحيح أنّك قطعت علاقتك بمنال وتزوجت غيرها.. لكنني شعرت بأن من حقك عليَّ أن أخبرك بالأمر.. طبعاً ليس استئذانك، لكن بدافع الصداقة.. الأمر وما فيه أنني ومنال اتقفنا على الزواج.. مفاجأة لك طبعاً أعذرك.. لكن أظنك لم تنس أنني كنت معجباً بها دائماً، وأنني لمتك يوم فرطت فيها، مثلها لا يمكن التفريط فيها.. نهضت.. شددت على يده بقوة قائلاً: يا خالد أنت محظوظ.