الضحك هو السلاح الفعال في مواجهة الإكتئاب


الضحك خير دواء. هذه الحكمة الشعبية القديمة لا تزال سارية اليوم أيضاً، ولو أنّ الكثيرين باتوا أقل شجاعة مما ينبغي. مع نهاية السبعينيات لفتت الأنظار القصة المرضية لصحفي أمريكي كان يعاني من داء بيشتريف، وهو أحد أمراض المفاصل المستعصية. لم يعطِ الأطباء هذا الصحفي المريض سوى القليل من الأمل بالإبلال من مرضه. ولكن الرجل الشاب لاحظ أن آلامه كانت تتحسّن بعد كل نوبة ضحك شديدة. فأعدّ لنفسه، وفقاً لهذه الخبرة، معالجته الخاصة التي تألّفت من التفرّج على كوميديا سلابستيك(1) والأعمال الهزيلة والنكات. صحيح أنّ الضحك لم يشفِه، كما يُروى غالباً، ولكن الرجل استطاع تخفيف آلامه إلى حد معقول.
الضحك هو السلاح الفعّال في مواجهة حالات الإكتئاب.
حتى عندما لا نجد في أنفسنا الرغبة في الضحك على الإطلاق، لماذا لا نجرّب مرّة واحدة؟
الضحك يحرِّك أكثر من ثمانين عضلة، في حين لا يحرِّك تعبير الوجه المتذمّر أكثر من عشر عضلات.
الضحك دواء فعّال ورخيص ومضمون وخالٍ من الآثار الجانبية الضارة ولا حاجة لكم لإستشارة طبيبكم أو صيدلانيكم.
- شاركوا في السباحة على موجة الضحك العالمية؟
- استسلموا لها بإسترخاء!
- الضحك مفيد للصحة.
هل تعلمون؟
أنّ الطفل إعتباراً من عمر أربعة أشهر يضحك عندما يُدغدَغ بطنه؟ كما يجد الطفل في عمر السنة الواحدة الأمر هزلياً عندما يقوم البابا أو الماما بمصّ زجاجة الرضاعة خاصته. ما الذي دها البابا أو الماما؟ هي هي هي!
يضحك الأطفال قرابة 400 مرّة يومياً، بينما لا يضحك الكبار أكثر من 15 مرّة، ويكاد المكتئبون لا يضحكون على الإطلاق!
يبدو أنّ الضحك يجافي الكثيرين منّا عند بلوغهم سن الرشد. ولكن، كما يقال، ليس هناك من سبب لعدم تعلّمه ثانيةً، ولا تجدي الأعذار هنا!
ولكن لماذا يجب علينا أن نضحك (كثيراً)؟ لننظر في الأسباب:
من المعروف أنّه يوجد كرْب (Stress) "جيِّد" وكرْب "سيِّئ". وقد اكتشف الباحثون في المركز الطبي التابع لجامعة لوماليندا في كاليفورنيا أنّ الضحك – ولِمَ الدهشة؟ - يشجّع الكرْب "الجيِّد"، وأنّه يُطلِق حدثيات شبيهة بتلك التي تُطلِقها الرياضة.
في العصور الوسطى كان يُظنّ أن موطن القهقهة في الطحال، الذي يُسمّى باللغة الإنكليزية، بالمناسبة (Spleen) (2).
الضحك يزيد من إنتاج الهرمونات "الجيِّدة" كالنواقل العصبية والأندورفينات التي تجعل الإنسان فرحاً وسعيداً، ويقلّل من الهرمونات السيِّئة كالكورتيزون والأدرنالين، ويزيد عدد الخلايا المنتجة للأضداد، وينشّط كلاً من خلايا T المكافحة للحمات والخلايا القاتلة الطبيعية.
هل أقنعتكم؟ إذن دعونا نتدرّب على الضحك سويةً.
يكفي شدّ زاويتي الفم نحو الأعلى ليبدأ الأمر! إذن، ما عليكم سوى أن تشدّوا زاويتي الفم نحو الأعلى وتُظهروا أسنانكم وتُطلِقوا الصوت "هي هي هي" أو "ها ها ها" لبضع دقائق! قد يكون لهذا وقع الجنون و"قلّة الأدب"، ولكن كلما كان أكثر جنوناً كان أفضل، وتصبحون إنساناً آخر. أتراهنون على ذلك؟ لقد جرّبته مراراً وتكراراً، وبالذات عندما أكون حزينة أو متجهّمة.
* يجدر بالملاحظة أنّ الضحك "المصطنَع" يُحدِث أثره أيضاً. حتى عندما لا تجدون في أنفسكم الرغبة في الضحك: شدّوا زاويتي الفم نحو الأعلى وأظهروا أسنانكم وأطلقوا "هي هي هي" أو "هو هو هو" لبضع دقائق. فهذا الضحك المصطنع يعطي إشارة إلى الدماغ أيضاً مفادها أنّ هذا الإنسان منشرح الصدر. حرّروا إذن هرمونات السعادة.
- المعالجة بالضحك للدكتور شابلن:
(قرأتُها خلال رحلة بالقطار في قصاصة من إحدى الصحف)
الضحك مفيد للصحة، هذا ما تبوح به اللغة الشعبية منذ زمن طويل. لا بل إنّ للقهقهة أثراً شافياً عند المصابين بالتهاب الجلد العصبي: تتراجع الأرجية عندما يشاهدون أفلاماً لشارلي شابلن.
"الضحك يكبح الأرجيات"، هذا ما يدّعيه الآن العالم هاجيمي كيماتا بناءً على دراسته الفعلية للضحك.
خضع 26 شخصاً يعانون التحسُّس من العثّ المنزلي لإختبار يقوم على مشاهدة فيلم شارلي شابلن الكلاسيكي "الأزمنة الحديثة". وقام كيماتا قبل الفيلم، الذي يدوم 90 دقيقة، وبعده، بدراسة التفاعل الجلدي للمرضى بإختبار الوخز المُطلِق للتحسُّس والذي يُقاس فيه حجم الإندفاع الجلدي.
ويبدو أنّ النتيجة تقود إلى ثورة في موضوع السينما والإستشفاء: شاهدْ شابلن وتعافَ – كانت الحطاطات الحاكّة أصغر بكثير، واستمر تأثير الكوميديا لمدة ساعتين.
إلى أي حد يمكن نقْل معالجة شابلن إلى الأمراض الأخرى، هذا ما يُفترَض أن توضّحه دراسات جديدة. أمّا الهراء والحماقة للمعاصرين (ستيف مارتن، جيم كيري، ستيفان راب) فلا يُعرَف عنهما شيء بعد.
وعندما تُرِكَت مجموعة المقارنة في دراسة كيماتا تسمع أنباء الطقس.
كانت النتيجة: حكّة دائمة.
إمكانية أخرى للإفادة الصحية من الضحك:
مشاهدة أفلام شارلي شابلن ونسيان المرض.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- الهوامش:
(1) (Slapstickkomodie): تسمية تعود إلى عصر السينما الأمريكية الصامتة للمواقف الكوميدية الرخيصة والمتّسمة بالخشونة كالضرب بمقرعة التهريج أو التقاذف بقوالب الكريمة وما شابه (مقرعة التهريج مؤلّفة من قطعتي خشب مثبّتتين من طرف واحد بحيث تحدثان صوتاً مدوياً عندما يضرب بهما المهرّج شخصاً آخر) (المعرِّب).
(2) التي تعني أيضاً غضب أو حقد (المعرِّب).
المصدر: كتاب (إرشادات كي تكون سعيداً)
لمزيد من التواصل مع موقع عالم المعرفة و التميز أضغط هنا و أنضم لصفحتنا على Facebook