ضغوط العمل تؤثر في الصحة


كلّنا مضغوطون بدرجات مختلفة، لأسباب مختلفة، ونتجاوب مع هذه الضغوط بصور مختلفة. فإذا حاول شخص لا يملك الخبرة أن يعطيك رأيه ويريد إقناعك بكيفية تخلصه من ضغوطه، لا تلتزم بما يقول، لأنّنا، ببساطة، مختلفون عن بعضنا البعض.
الحقيقة أنّه من ضمن المعلومات المهمة الآن في الحياة، معرفة "الضغوط" وتأثيرها فينا، ومحاولة تجنبها أو كيف التعامل ولعل أبسط تعبير لتعريف الضغوط، هو أنّها حالة يشعر فيها الإنسان بأن عليه متطلبات أكبر من قدرته على تلبيتها.
في عملي كمعالجة نفسية، لطالما سمعت شكوى مفادها: "عليَّ ضغوط شديدة لتلبية ما يريد أولادي وأسرتي وأهلي ورئيسي في العمل.. إلخ". وتكون إجابتي بشكل مختصر: "قل: لا أستطيع". ذلك أنني على قناعة بأنّ الضغوط أساسها عدم القرار الصحيح، وإعلان الرفض، والإعتراف بعدم المقدرة.
أفهم جيِّداً أنّه يصعب على الإنسان أحياناً أن يقول "لا"، لأن تبعات هذه الـ"لا" قد تكون الخسارة. فعلى سبيل المثال، ليس من السهل في زمن يعاني فيه المجتمع البطالة، أن يقول شخص لرئيسه: "لا، أنا آسف، لا أستطيع القيام بذلك". فقد يطرده ويأتي بغيره.
لكن، من المهم جدّاً أن يفهم الإنسان ما يجري داخله في حالة الضغوط. فالشد والإحساس بالتهديد الخارجي يرفعان هرمونات الإنسان، وهذه طاقة تدفعه إلى أن يجرب بعض الأمور، لأنّه إذا لم يهرب تحولت هذه الطاقة بفعل التدفق الهائل في الهرمونات إلى طاقة مدمرة صحياً ونفسياً داخله.
هنا، ينشأ عند الإنسان، في مسألة إتّخاذ القرار، صراع داخلي. فهو يعرف بفطرة البقاء وجود الضغط بداخله، وهو يدرك حجم الخسارة الممكنة لو لم يستجب للضغوط، ويشعر بما هو حاصل عنده، في داخله. وهذا الصراع هو إحتراق من الداخل، يعبر عنه بعبارة: "تعبت من الضغوط".
والعمل هو أكبر مصادر الضغط للإنسان العصري، لأنّ الإنسان قد يتحمل زعل أهله، لكن العمل مصدر أمان رئيسي.
المشكلة أنّ الضغوط لا تكون دائماً واضحة، بمعنى أنّ الضغوط قد تكون لا شعورية، مثل ضغوط للبقاء في مستوى إجتماعي لائق، ورأي الناس فينا، وغيرها. إنّ معظمنا يراعي رأي الآخرين على حساب نفسه. لكن الذكاء هو في أن تنظر إلى داخلك وتراعي نفسك بشكل رئيسي. وأبسط صورة لمراعاة ذاتك حين تشعر بالضغوط أن تلاحظ قلبك وصحتك.
كثيرون يموتون ويمرضون من دون أن يلاحظوا فعلياً أنهم يعانون الضغوط. والإنسان قادر من تلقاء نفسه على ملاحظة مؤشرات تفيد بأن هناك شيئاً خطأ يجري، مثل المغالاة في الطعام والشراب والتدخين والبكاء والنوم.. إلخ، أي المغالاة في رد الفعل على الضغوط.
إنّ الضغوط تخلق مغالاة في السلوك ومغالاة في حركة الهرمونات والدورة الدموية. والنتيجة هي مرض قد يصل إلى الموت. فانتبه إلى ما يحصل عندك، وتذكر أن كل خسارة يمكن تحملها إلا خسارة الصحة والحياة.
لمزيد من التواصل مع موقع عالم المعرفة و التميز أضغط هنا و أنضم لصفحتنا على Facebook