قصة قصيرة .. أهذا هو الحب الحقيقي؟


لزمان: فجر يوم الجمعة 2 أكتوبر 2009م المكان: الإسكندرية
كل صباحها مختلفاً، فقد أيقظتها رائحة المطر، تلك الرائحة المحببة إلى نفسها، نظرت إلى الساعة فإذا هي الخامسة صباحاً.. فما كان منها إلا أن قفزت من سريرها مسرعه للإستمتاع بهذا الصباح المنعش البارد المبشر بالمطر، فلا شيء في رأيها يضاهي تلك الأجواء المفعمة برائحة المطر مع نسمة منعشة، وانبثاق الصبح وأشعة الشمس الخجلى من الظهور. إضافة إلى أنّ اليوم هو الجمعة، يوم العطلة الرسمية، والكل يغط في نومه العميق، والسكينة والهدوء يخيمان على مدينة الإسكندرية المعروفة بضجيجها اليومي.
أعدت قهوتها الصباحية، واتّخذت مكاناً لها في الشرفة المطللة على البحر، سامحة للهواء المنعش بالتسلل إلى صدرها وقلبها ونفسها، معيداً لها إحساساً بالصفاء والمرح والإنتعاش. أدارت جهاز الراديو، فغنت فيروز: "رجعت الشتوية ضل افتكر فيّ يا حبيبي الهوا مشاوير وقصص الهواء مثل العصافير لا تحزن يا حبيبي إذا طاردت العصافير وغنية منسية على دراج السهرية رجعت الشتوية.
ساءلت نفسها... إلى متى ستبقى وحيدة، وإلى متى ستبقى حريصة وبعناد على إقفال مفاتيح قلبها؟ الفراغ العاطفي والوحدة والغربة في داخلها تكاد أن تتآمر لقتلها، ومع ذلك تصر على منع أي شعاع عاطفي من التسلل إلى قلبها.. لقد جربت الحب مرّة في حياتها، كان الأجمل والأعنف، هزّ قلبها بعنف، وأشعرها بجمال الحياة، كان حباً حقيقياً بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى... لكن الأقدار لم تشأ لهذا الحب أن يكتمل، وانتهى تاركاً لها غصة وألماً لا ينتهيان، عانت كثيراً الفقد، حزنت وكاد حزنها يخنقها، نعم انتهى وبإنتهائه انطفأ لمعان كل شيء في حياتها. وعلى الرغم من ذلك حاولت وبصعوبة بالغة وقامت من تحت رماد قلبها المحترق، وانطلقت من ألمها، وها هي اليوم واحدة من أهم الإعلاميات على مستوى البرامج الحوارية، بطريقتها الذكية في إدارة الحوار، وإلتقاط خيوط الأسئلة من أجوبة ضيوفها، ومقاطعتها المدروسة، وديناميكيتها.. فضلاً عن ثقافة عارمة تغلفها الحكمة ورجاحة العقل، ومظهر مميز، وأسلوب متوازن في الحياة... والأهم من كل هذا الصدق في التعامل والإحساس، بمعنى أنّها أصبحت عملية في كل نواحي الحياة، واكبتها في سرعتها، وسبقتها بتميز، إلا في الحب والمشاعر لم تستطع، وكأن صدمتها الأولى استنزفت كل طاقتها ومقدرتها على الحب والعطاء والتفاعل. فهل هذه هي سمة فقدان الحب الحقيقي؟ وهل كل ذاك الألم يخيفها من خوض تجربة جديدة؟
شعرت بالمرارة وهي تتذكر تلك الفترة من عمرها.. وابتسمت بركن فمها ساخرة من الحقيقة.. ثمّ أفاقت من شرودها مع أفكارها على صوت ابن أخيها الصغير يطلب اللهو والحنان، فاحتضنته بحنان بالغ وتناست أفكارها.
في اليوم التالي، افتتحت برنامجها الحواري بعبارة: "ثمّة مَن يقول إنّ فقدان الحب الحقيقي ينزع الروح من الفؤاد، ويُورث صاحبه زهداً في الحب". ودار الحوار بين الحضور، وتراوحت الآراء بين مؤيد ومعارض أو حيادي، لكنها وفي قرارة نفسها كانت تقول: نعم أُؤيد تماماً.
لمزيد من التواصل مع موقع عالم المعرفة و التميز أضغط هنا و أنضم لصفحتنا على Facebook