التنمية الثقافية وكيفية توظيفها


التنمية من حيث الكم تعني الزيادة، ومن حيث النوع تعني التحول نحو وضع أفضل، ولهذا فهي تلتقي بـ(التطوّر) و(التقدّم) لأن كل هذه المفردات يراد بها استثمار الإمكانات والقدرات والطاقات إستثماراً يحقّق الرقي والتفوّق والإزدهار.
والتنمية الثقافية لا تقاس فقط بكمّ المعلومات وحجمها، بل بكيفية توظيفها. فالثقافة مثل المال، فقد يكون لدى إنسان مال كثير لكن لا يحسن التصرّف به، ولا يقدّر قيمته فينفقه في السفاسف والترهات فيضيع ويتبعثر ولا يحقق الإستفادة المرجوة منه.
وقد يكون لدى شخص آخر مال أقل لكنّه يعرف كيف يستثمر هذا المال وينمِّيه وينفقه بأحسن صور الإنفاق.
الثقافة اليوم كثيرة ومثلها العلم والفكر لكنّ بعض الناس يصدق عليه قوله تعالى عن بني إسرائيل الذين (حمّلوا التوراة ثمّ لم يحملوها) فشبّههم بالحمار الذي يحمل مكتبة على ظهره ولا يفقه منها حرفاً (كمثل الحمار يحمل أسفاراً) (الجمعة/ 5).
إنّ (المخزون الثقافي) هو كـ(المخزون الغذائي) إذا لم يتحوّل إلى طاقة وسعرات حرارية وعافية تنتشر في الجسم كلّه، استحال إلى شحم وسموم وهموم وآلام صحية.. والفرق كبير بين (العافية) وبين (الترهّل).
وكما في الغذاء والأطعمة ما هو صحي ونافع ومنها ما هو (مؤذٍ وضار) كذلك في الثقافة، فليست كلّ الوجبات الثقافية المقدّمة إليك اليوم على طبق الكمبيوتر، أو حتى الأقراص المدمجة، أو سفرة الإنترنيت، أو على الأطباق اللّاقطة، صحي وسليم ونافع 100% كيف نميِّز النافع من الضارّ؟
بمعرفة (النفع) ومعرفة (الضرر).
فكلّ ما يصبّ في تنمية شخصيتي العلمية والثقافية والدينية والإجتماعية فهو إيجابي ونافع ومفيد وحلال، وكلّما ما ينتقص أو يصيب شخصيتي بالخلل والتدهور فهو سلبي وضار ومؤذٍ وحرام.